شريط الاخبار

قائمة
UkrNewa AR. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

بماذا يدين الغرب لأوكرانيا ؟ .. أندريس أسلوند

أندريس أسلوند*
واشنطن العاصمة - لم تعد أوكرانيا تسيطر على العناوين الرئيسة كما كان حالها قبل عام من الآن، ولكن نهاية الأزمة ما تزال بعيدة. فاتفاق وقف إطلاق النار الأخير، والذي تم التوصل إليه في منسك في شباط (فبراير) الماضي قد احتوى العدوان العسكري الروسي، ولو أنه لم يوقفه. ورغم أن برنامج ترسيخ الاستقرار الذي وافقت عليه أوكرانيا مع صندوق النقد الدولي في الفترة الأخيرة هو أفضل من اتفاق العام الماضي -هذا الاتفاق يتضمن تمويلاً أكثر من صندوق النقد الدولي وخطة إصلاح اقتصادي أكثر مصداقية من الحكومة- إلا أنه لن يكون كافياً لإصلاح اقتصاد البلاد. وما تحتاجه أوكرانيا بحق هو الانعتاق من النظام السوفياتي القديم. ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، فإنها تحتاج لمساعدة الغرب.
لم تستطع أوكرانيا على الإطلاق إعادة صياغة وضعها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وعوضاً عن ذلك، تمسكت النخب السوفياتية الطاعنة في السن بالسلطة -ومعظم ثروة البلاد- وذلك من خلال ممارسات فاسدة أصبحت مترسخة في الاقتصاد والنظام السياسي. وسوف ينطوي إصلاحهما على تحد كبير. وهو تحد التزم قادة أوكرانيا مؤخراً بمواجهته.
منذ شباط (فبراير) الماضي، عندما صوت البرلمان على تنحية الرئيس آنذاك فكتور يانكوفيتش بأغلبية تزيد على الثلثين، قامت أوكرانيا بإجراء انتخابات جديده لكلتا المؤسستين، وتم استبدال مئات من كبار المسؤولين بمهنيين شباب متعلمين في الغرب، وتعمل الحكومة الأوكرانية الآن بحماس لتطبيق الإصلاحات العميقة والشاملة، بما في ذلك وضع قانون جديد للمشتريات العامة وحزمة التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد. وقد تم إلغاء العشرات من وكالات التفتيش غير الضرورية، مما قلص بشكل كبير العبء التنظيمي. وفي آذار (مارس) الماضي، قام الرئيس بيترو بوروشينكو بإقالة حاكم منطقة دنيبروبتروفيسك، الملياردير القوي إيغور كولومويسكي.
وقامت السلطات مؤخراً بالعمل على إصلاح قطاع الطاقة، وهو مركز للفساد. وفي الأول من نيسان (إبريل)، تمت زيادة أسعار الغاز المنزلي بمقدار أربعة أضعاف ليصبح السعر نصف سعر السوق، مع تعويض الفقراء عن تلك الزيادة. كما قام البرلمان بسن قانون يجعل معايير الطاقة متوافقة مع تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى رسم الدور الذي تلعبه الدولة بكل وضوح وفتح سوق الغاز للمستثمرين.
لكنه ما يزال أمام أوكرانيا طريق طويل. الأخبار الطيبة هي أن العامة يفهمون جهود الإصلاح الحكومية ويدعموها. والأخبار السيئة هي أن أوكرانيا ما تزال تواجه تهديدات كبيرة لاستقرارها، بدءا بالهجوم العسكري الروسي المتجدد.
لو وقع هجوم روسي على سبيل المثال على ماريبول، وهو ثاني أكبر ميناء في شرق أوكرانيا (والذي يمر عبره حوالي ثلث صادرات البلاد)، فإن مثل هذا الهجوم سوف يدمر الاقتصاد الذي يعاني مسبقاً من الفشل. ورغم أن عوامل عدة -بما في ذلك العقوبات الغربية ونقص الدعم الشعبي للحرب في أوكرانيا والانحدار السريع للاقتصاد الروسي- لن تشجع الكرملين على اتخاذ مثل هذه الخطوة، فإن تلك العوامل قد لا تكون كافية، علماً بأن القادة الروس قد أظهروا أنه لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم.
حتى لو لم يحصل عدوان روسي آخر، فإن المتاعب الاقتصادية في أوكرانيا يمكن أن تمنع إحراز المزيد من التقدم فيما يتعلق بالإصلاحات. فقد انكمش الاقتصاد بنسبة 6.8 % على أساس سنوي في سنة 2014، وانخفض الإنتاج بنسبة 15 % في كل من الربعين الأخيرين. وفي نهاية شباط (فبراير)، ومع انخفاض احتياطات البلاد، فقدت العملة الأوكرانية "الهريفنيا" نصف قيمتها. ونتيجة لذلك ارتفع التضخم السنوي ليصل إلى 45 % في آذار (مارس). وقد تم تجنب انهيار مالي واسع النطاق فقط عندما قام صندوق النقد الدولي بتوفير الأموال في وقت مبكر، مما أدى إلى مضاعفة احتياطات أوكرانيا لتصل إلى 9.9 مليار دولار أميركي. وبحلول نهاية الشهر، استرد سعر الصرف عافيته إلى حد ما.
مهما يكن من أمر، فإن التمويل الدولي الذي تلقته أوكرانيا -وإن يكن لا يقدر بثمن- ما يزال غير كاف لدعم التعافي والإصلاح الحقيقيين. ويتوقع برنامج الإنقاذ الأخير تمويلاً بقيمة 40 مليار دولار أميركي، سوف يأتي نصفها تقريباً من صندوق النقد الدولي خلال السنوات الأربع المقبلة. وهذا يعني أن أوكرانيا سوف تتلقى هذا العام 10 مليارات دولار أميركي فقط، وهو مبلغ غير كاف من لتمكين البلاد من سد النقص في احتياطياتها وخدمة ديونها.
نظراً لديون أوكرانيا الضخمة المتعلقة بالسندات، والكثير منها سوف تصبح مستحقة الدفع خلال العامين المقبلين، فإن هناك فجوة في التمويل تبلغ 15.3 مليار دولار أميركي في حزمة الإنقاذ، والتي يأمل صندوق النقد الدولي والحكومة الأوكرانية بسدها عن طريق إعادة هيكلة الدين. ولكن، وحتى لو نجحوا في مسعاهم، فإن أوكرانيا ستظل بحاجة لتمويل أكثر من ذلك التي تحصل عليه.
تحتاج أوكرانيا إلى المزيد من الدعم الاستراتيجي كذلك. ويصعب فهم المعارضة الساحقة من قبل السياسيين الأوروبيين لتزويد أوكرانيا بالأسلحة الدفاعية. ويدعي القادة الأوروبيون أنهم يريدون تجنب إعطاء روسيا سبباً لتصعيد حربها على أوكرانيا. ولكن هذا يحصل فعلياً. وقتال أوكرانيا ضد روسيا هو في واقع الأمر دفاع عن القيم الأوروبية الأصيلة وأوروبا نفسها. وقد لف علم الاتحاد الأوروبي نعوش الأوكرانيين الذين سقطوا في ذلك القتال.
يجادل القادة الأوروبيون بأن سياستهم تجاه أوكرانيا تتركز على دعم التعافي الاقتصادي. لكن أوروبا تفعل القليل هنا كذلك، حيث تعرض أوروبا اعتمادات زهيده تبلغ 1.8 مليار يورو (1.9 مليار دولار أميركي) هذا العام، بينما المبلغ المناسب هو 10 مليارات يورو. ولو قامت الولايات المتحدة الأميركية على الأقل باقتسام ذلك المبلغ مع أوروبا، فإن الأزمة المالية الأوكرانية سوف يتم احتواؤها أخيراً.
استضافت الحكومة الأوكرانية مؤتمراً للمانحين في كييف في 28 نيسان (أبريل). وفي وقت يلتزم فيه قادة البلاد وشعبها أكثر من أي وقت مضى بمكافحة الفساد وبناء اقتصاد يخلق الرفاه والتحول إلى دولة ديمقراطية ليبرالية طبيعية، فإن أوروبا يجب أن تكون حريصة على دعمها. لقد حان الوقت لأن يتذكر الساسة الغربيون مثلهم العليا، وأن يدافعوا عنها.

*زميل في معهد بيترسن ومؤلف كتاب "أوكرانيا: ما الخطأ الذي حصل وكيف يمكن إصلاحه؟".
*خاص بـ "الغد"، بالتعاون مع "بروجيكت سنديكيت"، 2015.

شارك :

التسميات:

عن "أوكرانيا نيوز عربي"

وكالة إخبارية أوكرانية مستقلة ناطقة بالعربية تهدف لخلق منظومة إخبارية عربية مستقلة في أوكرانيا تنقل الخبر بموضوعية وتغطي الأحداث بمصداقية. نقل أخبار أوكرانيا للعالم العربي وبالعكس لتقريب الصورة ومواكبة التطلعات لجميع فئات جالياتنا العربية.

لا تعليقات في " بماذا يدين الغرب لأوكرانيا ؟ .. أندريس أسلوند "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM