يولا تيموشينكو تكتب ...الحفاظ على وعد أوروبا الشرقي!
بواسطة Admin -
2015-05-26
-
لا تعليقات
-
يوليا تيموشينكو*كييف - لسنوات عديدة، بدا وكأن توسع الاتحاد الأوربي شرقاً لا يمكن وقفه. لكن غزو روسيا لأوكرانيا جعل الرئيس فلاديمير بوتن يبدو وأنه قد نجح في إيقاف الجهود الأوروبية الرامية إلى توسيع الديمقراطية وحكم القانون والأسواق المفتوحة في طول القارة وعرضها.
يجب على الاتحاد الأوروبي أن لا يخضع لمطالب بوتن، فقد أصبح مصير أوكرانيا هو مصير أوروبا كلها. ولا يريد بوتن أن يمنع الأعراف السياسية والمدنية والاجتماعية الأوروبية من الترسخ في أوكرانيا فحسب، وإنما يريد كذلك أن يجعلها تتراجع في دول البلطيق والبلقان وأي مكان آخر في أوروبا أصبح الوضع السياسي فيه هشاً بسبب وجود أزمة اقتصادية و/أو شعوبية غوغائية.
يجب أن تظهر أوروبا تصميمها على الدفاع عن وحدتها وأمنها وقيمها في وجه العدوان الروسي، كما يجب أن تقوم بذلك من خلال وسائل ملموسة وليس من خلال بيانات رسمية يتم نسيانها بسرعة، والتي ينظر إليها الكرملين وأتباعه من الانفصاليين الأوكرانيين باحتقار.
من الأهمية بمكان جعل السياسة الجديدة بمثابة شراكة حقيقية بين الناس. ويجب أن تصبح شعوب الدول الشريكة مستفيدة بحق إذا ما أردنا لهذه الشراكة أن تصبح أكثر من مجرد اتفاقية الشراكة الشرقية غير الفعالة الحالية. وسوف يكون وجود التزامات سخية للاتحاد الأوروبي، والتي تتعلق بالتنقل بحرية وتقديم المساعدات للشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، بالإضافة إلى زيادة كبيرة في الفرص التعليمية، سيكون ذلك جزءً من المحتويات الرئيسة التي قد تجعل مثل هذه الشراكة تحظى بشعبية سياسية بالنسبة للأغلبية.
يجب أن تكون أوكرانيا محور أي جهود يتم بذلها من أجل إحياء الشراكة الشرقية لاجتذاب دعم الأوروبيين، والذين ما يزالون خارج الاتحاد الأوروبي. نعم، إن الأخبار من بلدي ما تزال سيئة. هناك الآلاف من مواطنينا الذين فقدوا حياتهم، ومئات الآلاف الذين يعيشون الآن كلاجئين في وطنهمن كما فشلت اتفاقية مينسك 2 لوقف إطلاق النار في كبح جماح القوات الروسية /الانفصالية.
على الرغم من أن الاقتصاد الأوكراني لم يعد في حالة انهيار كما كان حاله في أواخر الشتاء، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار الربع منذ أن غزت القوات الروسية البلد لأول مرة في شباط (فبراير) 2014. وتصل البطالة الرسمية الآن إلى نسبة تزيد عن 10 %، مقارنة بما نسبته 7،3 % قبل احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم. وتتزايد مديونيتنا القومية يومياً إلى مستويات جعلت مجلة الإيكونومست تعلن أننا قد نصبح "يونان الشرق"، كما أن جزءً كبيراً من الاقتصاد ما يزال في أيدي الانفصاليين، حيث لم يكن مفاجئاً أن يستنفدوا جميع تلك الأصول المسروقة.
وضع الحكومة الأوكرانية في وجه مثل تلك الظروف الكارثية يشبه المثل عن الولد الهولندي الذي وضع أصبعه في السد ليمنع البحر من التسرب من خلاله. فبالرغم من الجهود الجبارة، ما يزال يوجد المزيد من التسرب. إن الحقيقة التي يتوجب على أوروبا إدراكها ببساطة، هي أنه لا يوجد لدينا نحن كأوكرانيين أصابع كافية من أجل وقف جميع أشكال التسرب وبناء اقتصادنا وحدنا.
على الرغم من عمق الأزمة الأوكرانية، لا يمكن أن تتجنب أوروبا مواجهة التحدي الذي وضعه بوتن أمامها. وإذا ما نجح بوتن في تحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة مع وجود صراع مجمد داخلها، فإنه سوف يسعى إلى تحقيق نفس النتيجة على طول حدود الاتحاد الأوروبي من إستونيا إلى اليونان.
لحسن الحظ، يوجد للاتحاد الأوروبي شريك حقيقي يتمثل في أوكرانيا، والتي تم اختبار إخلاص شعبها لأوروبا من قبل القناصة في شوارع كييف، والآن على يد الجيش الروسي. وقد شدت شجاعتهم ونشاطهم السياسي المكتشف حديثاً من عزيمة الحكومة من أجل تطبيق الإصلاحات الضرورية، كما جعلا من المستحيل على أي لاعب سياسي في أوكرانيا أن يتجاوز الإجماع المؤيد لأوروبا. وبإمكان الاتحاد الأوروبي أن يشد من عزيمة الحكومة الأوكرانية بشكل أكبر بأن يطالب بالمزيد من الوضوح فيما يتعلق بالحرب ضد الفساد.
لكننا إذا أخذنا بعين الاعتبار الحرب في منطقة دونباس الشرقية، وتدمير جزء كبير من اقتصادنا والطبيعة المحفوفة بالمخاطر للشؤون المالية لحكومتنا، فإن من الواضح أن صندوق النقد الدولي وغيره يطلبون الكثير من الأوكرانيين. إن فكرة أن بإمكان أوكرانيا تبني "العلاج بالصدمة " فيما يتعلق بالاقتصاد كما حصل مع بولندا قبل ربع قرن، تذكرنا بالسياسات المماثلة التي نتجت عنها الأزمة المالية العالمية سنة 2008.
لهذا السبب، فإن الشراكة الشرقية إذا تم تجديدها، يجب أن تتبنى مبادرات جديدة جريئة بالنسبة لأوكرانيا، والتي لا تحاول إعادة صنع سياسات قديمة تم تصميمها لظروف مختلفة. ويوفر التقرير الأخير الصادر عن معهد فيينا للدراسات الاقتصادية العالمية بعض الإرشادات المتعلقة بما يجب أن يحاول الاتحاد الأوروبي فعله لأوكرانيا.
في البداية، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يساعدنا في خلق نظام لجعل سعر الصرف أكثر استقراراً من أجل التغلب على تقلب العملة، والذي عصف باقتصادنا منذ الغزو الروسي. وبالرغم من أن ضبط أوضاع المالية العامة ضروري إذا أخذنا بعين الاعتبار حالة الاقتصاد، فإن الناس الأكثر فقراً في أوكرانيا يعيشون الآن عيشة الكفاف، ولا يستطيعون أن يضحوا أكثر من ذلك. بل على العكس من ذلك، فهم يحتاجون إلى المساعدة. ويجب أن تركز أوروبا على أن برامجها وبرامج صندوق النقد الدولي يجب أن تأخذ احتياجاتهم بعين الاعتبار.
ربما يكون أهم عامل على المدى الطويل هو أنه يتوجب على الاتحاد الأوروبي احترام التزامه بالتجارة الحرة العميقة واتفاقية الشراكة التي رفضت الحكومة الأوكرانية السابقة التوقيع عليها في أواخر سنة 2013، علماً بأن عدم التوقيع على تلك الاتفاقية هو الذي دفع الشباب الأوكراني إلى مواجهة قناصة الرئيس السابق فيكتور يانكوفيتش، وهم الآن يواجهون قوة الجيش الروسي. وسوف يكون لمتابعة تلك الأمور دور أكبر في تعزيز ثقة الأوكرانيين بمستقبلهم الأوروبي، وإقناع الكرملين بأنه لا يستطيع أن ينجح في جعل القيم الأوروبيه تتراجع، مقارنة بأي شيء آخر قد يفعله الاتحاد الأوروبي.
إن إحدى الطرق الواضحة التي يمكن أن تستخدمها أوروبا حتى تظهر أن اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا ما تزال قائمة، هو تشجيع الاستثمار في بلادي. فمنذ الغزو الروسي، انهار الاستثمار الأجنبي المباشر. وهذا بالضبط ما يريده بوتن. وسيكون بإمكان الاتحاد الأوروبي إظهار التزامه بالتجديد الاقتصادي الأوكراني بجعل بنك الاستثمار الأوروبي يستثمر في مشروع بنية تحتية، مثل سكة حديد تربط أوكرانيا بالاتحاد الأوروبي.
إن الاتحاد الأوروبي يواجه خياراً صعباً: شراكة شرقية متجددة، أو تقسيم متجدد لأوروبا. وستكون القرارات التي سيتخذها، ابتداء من القمة التي عقدت في ريغا، سوف تحدد مصير أوروبا لعقود طويلة قادمة.
*رئيسة سابقة للوزراء في أوكرانيا.
*خاص بـالغد، بالتعاون مع "بروجيكت سنديكيت"، 2015.
شارك :
- شارك
- غرد
- شارك
التسميات:
اراء
عن "أوكرانيا نيوز عربي"
وكالة إخبارية أوكرانية مستقلة ناطقة بالعربية تهدف لخلق منظومة إخبارية عربية مستقلة في أوكرانيا تنقل الخبر بموضوعية وتغطي الأحداث بمصداقية. نقل أخبار أوكرانيا للعالم العربي وبالعكس لتقريب الصورة ومواكبة التطلعات لجميع فئات جالياتنا العربية.
لا تعليقات في " يولا تيموشينكو تكتب ...الحفاظ على وعد أوروبا الشرقي! "