في أوكرانيا.. حرب ضد الفساد
خاص/أوكرانيا نيوز عربي/ منذ اندلاع احتجاجات "الميدان الأوروبي" خريف ٢٠١٣م، ورغبة جامحة تسود بين الشباب الأوكراني "المتحمس للتكامل الأوروبي" بالقضاء على مظاهر الفساد وخلع الفاسدين من مناصبهم ومراكزهم التي يتقلدونها، وربما كان الهاجس الأكبر هو قدرتهم على ذوي النفوذ وأصحاب الثروة ورجال الأعمال.
عامان مرّا على "الحلم الأوروبي" كما يحلو لنشطاء الميدان تسميته، وما تزال الأصوات تعلو ضد الفساد وأصحابه، وبالرغم من جهود حكومة آرسيني ياتسينيوك بمكافحة هذه الآفة التي تغلغلت في جسد الدولة ومؤسساتها، إلا أنه ظهر جلياً أنها غير كافية في سبيل ذلك.
اعتقال على المباشر
شهد هذا العام العديد من الطرق الجريئة في إطار جهود توجيه الضربات لمنابع الفساد، إلا أن واقعة اعتقال رئيس جهاز الحماية والطوارئ ومساعده في جلسة علنية لمجلس الوزراء بثت على القنوات الفضائية بتهم استغلال المنصب وإهدار المال العام بملايين الهريفنات، شكلت دافعة معنوية للرئيس بيترو بوروشينكو وحكومته أمام المجتمع الدولي الذي لطالما طالب أوكرانيا بضرورة العمل بقوة لتطهير الدولة من الفساد.
صحفية أوكرانية في تعليقها على ما حدث كتبت تقول: "كنت أغطي جلسة الحكومة الدورية ذلك اليوم، إلا أن دخول أفراد من الأمن للقاعة وتلاوتهم لنص قرار القاء القبض على المسؤولَين علناً أصاب الجميع بالدهشة والإعجاب بنفس الوقت".
وأضافت: "انتقلت كاميراتنا صوب الحادثة فوراً وتجاهلنا جلسة الحكومة، فالحدث كان فعلاً غير اعتيادي بالنسبة لنا".
شجار أمام الرئيس
الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الوطني الأوكراني (RNBO) أثارت الجدل في البلاد بل وكشفت مدى الفجوة الكبيرة بين أقطاب الحكم، إذ اتهم ميخائيل ساكاشفيلي -رئيس جورجيا الأسبق وعمدة مقاطعة أوديسا الأوكرانية- وزير الداخلية الأوكراني آرسين أفاكوف -والمنحدر من أصول أرمينية- بالفساد وتغاضيه عن الفاسدين أمام الرئيس بوروشينكو، تلك الاتهامات هي الأخرى بُثت للرأي العام وخلقت ردة فعل وتباين في الشارع الأوكراني بين مؤيد ومعارض، لا سيما وأن أفاكوف يعتبر أحد المقربين من الرئيس ورئيس الحكومة وعمل على ترميم جهاز الشرطة وأحال الكثيرين من الفاسدين بالوزارة للتحقيق وعمل على محاربة الترهل والتسيب بأركان أجهزة وزارته، وكيل هذه الاتهامات له علناً أخرجه عن طوعه ولباقته كوزير إذ استهزأ بساكاشفيلي قبل أن يرشقه بكأس مياه وسط صدمة الرئيس والحضور.
الجورجي العنيد
ساكاشفيلي القادم من جورجيا وبعد تحصله على الجنسية الأوكرانية لمع نجمه مؤخراً بعد عدة مواقف جريئة بتحديه للفاسدين وبعض رجال الأعمال- إذ تلقى تهديداً من الملياردير اليهودي المعروف إيهور كولومويسكي-، وجوبه بحملة استهزاء لبعض مواقفه إذ اتهمه نشطاء بالنفاق وخصوصاً فيما يتعلق بادعاء بساطته ودفاعه عن المهمشين، وكان نشطاء أوكرانيون تداولوا صوراً وفيديوهات للمكان الذي يعيش فيه ساكاشفيلي وفريق مساعديه ورواتبهم وأملاكهم التي تتجاوز الملايين -بحسبهم-.
بوروشينكو بدوره كان قد ألمح مرات عديدة أن ساكاشفيلي سيكون رئيساً مثالياً للحكومة، مشيداً بقوته وخبرته لجانب شجاعته وإخلاصه لأوكرانيا، على الطرف المقابل دعي ساكاشفيلي مؤخراً لحضور (منتدى مكافحة الفساد) في العاصمة كييف، وألقى كلمة حماسية -بحسب نشطاء- مؤكداً مضيه قدماً نحو أوكرانيا الأوروبية القوية الخالية من المفسدين، وفي سؤال عن أهم التحديات الأساسية للبلاد أجاب قائلاً: "الفساد، الفساد ومرة ثالثة الفساد"، وفي ختام المنتدى أُعلن عن إطلاق (حركة معاً لمكافحة فساد السلطة) والتي اعتبرها مراقبين ولادة جديدة لحزب سياسي ربما يقوده ساكاشفيلي في المرحلة المقبلة.
لا تعليقات في " في أوكرانيا.. حرب ضد الفساد "