شريط الاخبار

قائمة
UkrNewa AR. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الطاقة .. قلق وخوف من التبعية (2/2)

د. هشام الباش

عرفت العلاقات الروسية - الأوكرانية توترا كبيرا منذ عام 2014 ولازال هذا التوتر مستمرا وتعاظم مرات عديدة بين البلدين وتضخم أوروبيا وأمريكيا. لقد لعب الغاز دورا مؤثرا في خلق المتاعب حيث لم تتردد روسيا في استخدام الغاز كعامل ضغط على أوكرانيا أو الاتحاد الأوروبي من اجل مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية التي باتت مهددة من قبل الغرب عن طريق محاولة ضم اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي والناتو.

ويمثل هذا الضغط مجموعة من التهديد ات الروسية كإلغاء التخفيض الممنوح لأوكرانيا على الغاز ورفع الاسعار وقطع الغاز في حال عدم تسديد الديون السابقة لمشتريات الغاز والإلزام بنظام الدفع المسبق قبل التسليم. هذه الأحداث تصيب الاتحاد الأوروبي في صميم حاجتها للغاز الروسي الذي يمر عبر الأراضي الأوكرانية عن طريق الأنابيب، وبكلمات أخرى توفر الشركة الروسية «غاز بروم» ثلث إمدادات الاتحاد الاوروبي من الغاز الذي ينقل 50 بالمائة منه عبر الأراضي الأوكرانية. 

كما أن تدشين خط انابيب الغاز « تاناب» بين تركيا واذربيجان يوم 12 مايو 2015 لضخ الغاز الأذري عبر الأناضول إلى تركيا ودول الاتحاد الاوروبي، لم يخفف القلق الأوروبي، حيث ان نية روسيا هي التخلي عن الخط «السيل الجنوبي» لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر قعر البحر الاسود تجنبا لمخاطر عبور الاراضي الاوكرانية الى بلغاريا ومتفرعا إلى الجنوب ووسط اوروبا وصولا إلى ايطاليا، لصالح مشروع آخر يمر عبر تركيا عن طريق خط الأنابيب الذي يعبر تحت البحر الاسود وبنفس طاقة السيل الجنوبي الى محطة على الحدود التركية واليونان، أي بطاقة 63 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا إلى أوروبا بحلول عام 2016.


لذا اكد المسئولون عن قطاع الطاقة في المفوضية الاوروبية عن قلقهم من احتمال تحويل الامدادات من مساراتها الحالية عبر اوكرانيا الى الخط التركي المقترح في وقت يحاول الاتحاد الأوروبي الاستعداد لاستحقاقات كثيرة للسنوات الخمس القادمة، أهمها الوصول إلى استقلالية ما في مجال الطاقة حيث اصبح هذا الأمر يفرض نفسه بقوة مع تعاظم التوتر والصراع الاقتصادي والجيوسياسي بين روسيا واوكرانيا. مما دعا الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة التفكير في تنويع مصادرها للطاقة وتعزيز حصة الطاقة المتجددة لتصبح 30 بالمائة بحلول العام 2030. 


هذا الموقف يضع اوروبا في حرج من أجل تأمين حاجتها من الغاز لصعوبة استبداله بمصدر آخر من الغاز في زمن منظور. لذا ستحتاج سياسة الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر امداده بالغاز لفترة طويلة سواء من ناحية الكمية أو السعر للتقليل من التبعية لروسيا، وبالمقابل سيوفر لروسيا وقتا وورقة ضغط لتوفير احتياجاتها من السلع الاستثمارية والتكنولوجية الغربية.


ولكن روسيا بدأت في التفكير في تنويع اسواق تصريف غازها ونفطها بالاستدارة نحو الشرق للإفلات من التبعية للأسواق الأوروبية قدر المستطاع وتكوين الاتحاد الأوراسي وربطه بمشروع الصين المتمثل بالحزام الاقتصادي «طريق الحرير» كمحاولة للابتعاد عن الاعتماد كليا على الغرب. 

ولا يعني ذلك ان الولايات المتحدة الأمريكية بعيدة عن التبعية للنفط الأجنبي بشكل أو بآخر، فقد كانت من بين الدول التي امتلكت النفط منذ 1860 حتى الحرب العالمية الثانية، وكانت منتجا يغطي انتاجها حاجاتها الخاصة بسهولة ويولد فائضا للتصدير. لقد ساهم هذا الاكتفاء الذاتي بالنفط مساهمة كبيرة في نمو الاقتصاد الامريكي وخلق الهيمنة العسكرية وساعد نفطها في مساعدتها وحلفائها الرئيسيين اثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها في ازدهار الاقتصاد الامريكي وانعاش اقتصادي اليابان وأوروبا.


ولكن هذا الانتاج الذي حقق المعجزتين الاقتصاد والقوة العسكرية بدأ يصاب بالضعف نتيجة تراجع انتاجه أي إن هذه الثروة الطبيعية لا تعني أن لا حدود لها. فقد بدأت أمريكا منذ الأربعينات من القرن الماضي الاعتماد على النفط الخارجي لتلبية احتياجاتها إلا أن قضية النفط وصلت مفصلا حرجا حيث وصل الاعتماد عليه حوالي 50 بالمائة على النفط المستورد، في حين تعتبر النفط الولايات المتحدة الأمريكية مادة حيوية جدا للازدهار الأمريكي الذي يفرض حمايته مهما كان الثمن بما في ذلك استخدام القوة العسكرية. 

لذا باشرت إدارة الرئيس باراك أوباما بتبني سياسات مغايرة لسياسات بوش – تشيني بالتوجه نحو كسر هذه التبعية عن طريق توظيف التكنولوجيا وبرامج مساندة في انتاج النفط الصخري «نفط غير تقليدي» وغيرها حيث يعتبر الرئيس باراك اوباما في إعلانه يوم 26 يناير 2009، إن «اعتماد أمريكا على النفط واحد من التهديدات الاكثر خطرا التي تواجهها أمتنا».


كما يعتقد أن التغلب على هذه التبعية لن يكون سهلا إلا بالعمل على الابتكار وتبني تقنيات جديدة وبتوطيد نظام للطاقة آمن ومستديم ومسؤول، تجنبا لصراعات النفط في ما وراء البحار.

شارك :

التسميات:

عن "أوكرانيا نيوز عربي"

وكالة إخبارية أوكرانية مستقلة ناطقة بالعربية تهدف لخلق منظومة إخبارية عربية مستقلة في أوكرانيا تنقل الخبر بموضوعية وتغطي الأحداث بمصداقية. نقل أخبار أوكرانيا للعالم العربي وبالعكس لتقريب الصورة ومواكبة التطلعات لجميع فئات جالياتنا العربية.

لا تعليقات في " الطاقة .. قلق وخوف من التبعية (2/2) "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM